نظرت بسنت حولها ، و أحست بمزيد من الألم .
كانت كل زميلاتها في الفصل يظهرن جميلات .
هذه شعرها طويل
و هذه شعرها ذهبي
و هذه خدودها حمراء
و هذه عيناها جميلتان
و هذه تبدو رشيقة
و هذه وجهها بشوش
قالت بسنت لنفسها : " كل البنات جميلات إلا أنا . شعري مُجعدّ ، و وجهي شاحب ، و أسناني كبيرة ، و أنفي ضخم ، و قامتي قصيرة . ليست عندي ولا ميزة واحدة " .
لم تعد بسنت تلعب مع صاحباتها . أصبحت تتجنبهن ، و تخيلت أنها تزيد قبحا كل يوم .
في البيت ، لم تعد بسنت مرحة ، و لم تعد تحب الكلام .
كل يوم تنتهي من واجباتها ، و تدخل سريعا غرفتها ، و تنفرد بآلة الكمان 0 تعزف عليها وقتاً طويلاً .
عندما أعدت المدرسة حفلها السنوي ، لم ترغب بسنت في المشاركة .
بعد أن ألحت عليها مدرسة الموسيقي كثيراً ، وافقت علي تقديم فقرة عزف علي الكمان.
علي المسرح ، وقفت بسنت تعزف بآلتها .
كانت كأنها تكلم الكمان .. تشكو إليها و تناقشها و تلاعبها .
جلس الجميع في صمت يستمعون إلي الألحان العذبة .. يتابعون أصابع بسنت الماهرة.
كانت أصابعها كأن فيها سحر يجعل آلة الكمان تنطق و تغني و تضحك .
لم تكن بسنت تشعر بأحد . فقط هي و آلة الكمان تجريان في الحقول ، تسبحان في البحر ، تنطلقان في الفضاء .
ما إن توقفت بسنت عن العزف حتى انطلق التصفيق مدوياً ، و وقف الجميع يحيون العازفة الماهرة بسنت ، صاحبة الأصابع السحرية .
حيت بسنت الجمهور بخجل و سرور . نظرت إلي أصابعها ، و عرفت أن الله أعطاها هي أيضا شيئاً جميلاً